16‏/12‏/2013

علي ولد عيسى غرة الحلف ودرة رجاله (رأى)

د/ يحى ولد الصغير


دخل الشاب المناضل علي ولد عيسى مدير ديوان الوزير الأول حاليا وأيقونة المعترك السياسي في ولاية البراكنة عامة ومركز مال خاصة الحيز السياسي الحزبي منذ بداية الألفية الثانية واستطاع بمقتضى حنكته السياسية وعمله النضالي تدمير العرش السياسي الذي شيده إسماعيل ولد أعمر منذ تسعينيات القرن الماضي، منذ أن تبنت البلاد الدخول في مجال المعترك الديموقراطي على غرار مجموعة دول العالم الآخر أو العالم الثالث كما كان يسمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ففي بداية الدرب السياسي لولد عيسى، وهو غني عن التعريف في البراكنة وكامل الجمهورية اقترح على سيد أعمر سنة 2000 أن يترشح ومدير الديوان في تلك الفترة عنصرا فاعلا في حزب الوحدة من أجل الديموقراطية UDPالذي أنشأه المرحوم حمدي ولد مكناس وتقوده حاليا وزيرة الخارجية السابقة الناهه منت مكناس وقد استغرب سيد أعمر من المبادرة التي لأخذها علي ولد عيسى في أول الأمر ولكنه اقتنع في النهاية وفاز في الانتخابات البلدية في تلك الفترة أمام جبروت الحزب الجمهوري الديموقراطي الاجتماعي وهو في تلك الفترة في عنفوان سيطرته السياسية والاجتماعية المعتمدة على معايير اكلاسيكية كرؤساء القبائل ومشيخة الطرق الصوفية وبعض الرجالات النافذة سياسيا وإداريا وماليا مثل أسرة أهل أعمر ممثلة في مدير اسنيم الأسبق اسماعيل ولد أعمر.

وقد ورث حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هذه السمة الكلاسيكية على سلفه في النظام، أي الحزب الجمهوري الديموقراطي الاجتماعي، كما ورث عليه غطرسة نافذيه وعدم خبرتهم السياسية وتهميشهم لرأي الناخب في اختياره الأولي لمرشحيه وهاهو يدفع ثمن ذلك أمام قوة سياسية أنشأها رجال حلف البراكنة أو حلف المغاضبين كما يسمى في الساحة الإعلامية ويبدو أن الكثير من المثقفين والفاعلين السياسيين لم يفهموا اشتقاق اسم حلف المغاضبين باعتبار أن أغلبهم يحاول جاهدا إلصاق صفة المعارضة في مؤسسيه فالمغاضب هو الغضبان على قومه لأمر معين وقع بينهم ولا يقتضي بالضرورة المعارضة السياسية ولا الاختلاف الإيديولوجي وإنما خلاف لأمر معين قال تعالى: "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا" الآية 87/الأنبياء. عندما دعا أهل نينوى، وهي قرية بالموصل فأبو عيه وتمادوا في كفره (أنظر كتب التفسير).

ولسنا هنا نقارن بين النبي يونس عليه السلام ورجال الحلف وإنما نريد أن نبين أن صفة المغاضب أطلقت على الرسل. فلو كانت نتضمن نقيصة أو عيبا ولما جرت على يونس عليه السلام.
فالاسم مغاضب إذّا ليس له دلالة المعارضة أو السلبية وإنما هو موقف يتخذه الفرد إثر عمل اغترفه شخص ما أو أشخاص معينين في حقه وذلك ما قام به نافذوا حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في حق علي ولد عيسى وأحمد ولد ابيبه وسائر رجال الحلف وهم الشيخ سيد المختار ولد الشيخ عبد الله وسيدامين ولد أحمد شلا ومحمد محمود ولد أغربط وودو ولد أحويبيب والناجي ولد حيبلتي ومحمد يحي ولد باب أحمد ولد الكمبر وغيرهم عندما حاولوا إقصاءهم من الخارطة السياسية في ولاية لبراكنة.

في سنة 2006 ترشح علي ولد عيسى من حزب حاتم، حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني في آخر المطاف لما تبين له أنّ رفقاء الأمس الذين دعمهم في بداية مشواره السياسي مثل سيد أعمر وغيره يسيرون القهقرى متخلين عنه وكان ترشحه آنذاك من أجل تأكيد وزنه السياسي وصيته الجماهيري في المنطقة أيضا.

فغير ترشحه الموازين السياسية وقوى شوكة التحالف السياسي الذي كان ضد سيد أعمر؛ أي التحالف الذي وقع بين حزب الوحدة من أجل الديموقراطية UDP والتحالف الشعبي التقدمي APP. ولما ظفر التحالف بتأييد علي ولد عيس حسمت الانتخابات البلدية الأخيرة في مال التي فاز فيها أحمد ولد ابيبه عمدة المال الحالي تلك إذن هي نجاحات علي ولد عيسى العضو المؤسس في حلف المغاضبين وهو خارج النظام فكيف لا يفوز وهو في قلبه الآن؟.

انضم علي ولد عيسى إلى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية 2008 ولكن النافذين الحزبيين في ولاية البراكنة من جنرالات وألوية وقواد وإداريين ووزراء وسفراء كعادتهم بالإضافة إلى إسماعيل ولد أعمر الذي يريد الانتغام من الشاب الذي هدم هالته السياسية واجتثه من القمة إلى غيابة النسيان، هؤلاء القوم أرادوا القضاء سياسيا على الرجل المحنك ولد عيسى ولكن هيهات.

فمال يتكون من خمسة فصائل سياسية:

1) جماعة مدير الديوان علي ولد عيسى
2) جماعة زيني ولد حمادي مدير الدراسات والبرمجة في منطقة انواذيبو الحرة
3) جماعة إسماعيل ولد أعمر مدير اسنيم الأسبق ومرشح بلدية مال الحالي
4) جماعة سيد أعمر العمدة السابق
5) جماعة أهل برات التي مثلت بمستشارين
وقد تحالفت الجماعات الأربعة الأخيرة (2، 3، 4، 5) من أجل القضاء سياسيا على مدير الديوان كما أشرنا، ولكن نتائج الاستحقاقات النيابية والبلدية الحالية بينت وهن القوة السياسية للتحالف الحزبي أو الأحزابي من ذلك أنّ:

مرشح حزب الوحدة والتنمية للنيابيات والذي يدعمه علي ولد عيسى حصد 3970 صوتا، في حين حصل مرشح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية على 3580 صوتا وحصد مرشح حزب الوحدة والتنمية للاستحقاقات البلدية 3850 صوتا مقابل 3400 صوتا حصل عليها مرشح الاتحاد من أجل الجمهورية. فالفارق إذن بين والريادة محفوظة وصاحبها معروف انطلاقا من نتائج الاقتراع. وقد وصلنا مؤخرا تقرير قامت به اللجنة المركزية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية أوضحت فيه أنّ جماعة مدير الديوان تناهز 75% من ساكنة مال مقابل 25% تجتمع فيها سائر الجماعات الأخرى.

وفي الأخير يتضح أن ما تحدث عنه المقال المعنون بـ "ولد عيسى والنظام ... سمن كلبك يولك؟" ليس هو علي ولد عيسى الحقيقي أو أن صاحب المقال أراد تشويه صورة الرجل بتجاهل المعلومات التاريخية الحقيقية ولكن الذكرة الجمعية في مال ونتائج الاستحقاقات النيابية والبلدية تأبى ذلك. وعلى هذا الأساس نترك مسك الختام للقراء والمعلقين.

ليست هناك تعليقات: