نائب ألاك الحسين ولد أحمد الهادى |
في بدايات الدولة الموريتانية, إختار الآباء المؤسسون شعار ( شرف – أخاء –عدالة) كشعار رسمي للدولة, وهو ما مثل و بحق رؤية و حلم أولئك الرجال بدولة قوية محصنة و واعدة, كما أنه شكل مظلة كبيرة جامعة يمكن أن تجتمع تحتها جميع أعراق و فئات و أطياف المجتمع.
إلا أنه و بعد بضع سنين بدأ الشعار بالأفول, حيث بدأ عقد الإخاء بالإنفراط بدءا بأحداث 66 وما تلاها من حضور قوي وهيمنة لنزعة العرق والجهة والقبيلة في مسلكيات الدولة والمجتمع, و تقلصت العدالة ومن ثم تلاشت بفعل ضعف مؤسسة القضاء أمام النفوذ وضعف القضاة أمام إكراهات وإغراءات المعيشة, وأخيرا ضاع الشرف بفعل إنهيار المنظومة الدينية والأخلاقية للمجتمع وكذا المنظومة التربوية.
و هكذا سقط الشعار الرسمي للدولة, فأصبحنا دولة بلا شعار أو بالأحرى شعار يزين الرأسيات الرسمية.
الآن, و مع هامش الحرية الكبير و المتاح, و مع تطور وسائل التواصل و الإتصال, ظهر خطر جديد و جدي, يهدد تماسك المجتمع و كيان الدولة.
هذا الخطر يظهر بأشكال و أنماط مختلفة, بدءا من الحركات ذات المرجعية العرقية و بحجة الذود عن حقوق هذه المكونات (حركات لحراطين, حركة لا تلمس جنسيتي للزنوج, حراك لمعلمين....), مرورا بمحاولة خلق و تكريس نظام محاصصة غير معلن ( محاصصة عرقية للمؤسسات الدستورية, و محاصصة عرقية – جهوية - قبلية للمناصب الإنتخابية و الحكومية و السامية),
و إنتهاء بالتطاول على الرموز و المعتقدات الدينية و نسف المسلمات الإجتماعية و الخروج عن كل ما هو مألوف و متعارف عليه و كل ذلك تحت غطاء حق الفرد في الحرية و التعبير ( التطاول على سيد البشر عليه أفضل الصلاة و التسليم, حرق الكتب الدينية المرجعية, الحركات التبشيرية و الطائفية, موجات جرائم نمطية ونوعية.
يضاف إلى ما سبق, الاحتجاجات و الإعتصامات الفئوية للعمال وموظفي الدولة و الطلبة و أصحاب المظالم و التظلمات, حتى أن أي مواطن يتعرض لمشكلة يفكر في الاعتصام لحلها. و مع أن لا أحد ينكر أن الإحتجاجات و الإعتصامات ما هي إلا مظهر من مظاهر الديمقراطية, إلا أن إنتشارها على نحو هذا المدى الواسع و المخيف و بأشكال و مظاهر غالبا ما تكون غير حضارية, أيضا محاولات السياسيين تسييس جميع قضايا المجتمع و من ضمنها المطالب الفئوية بغرض الإستفادة منها سياسا أو إنتخابيا.
كل ذلك من شأنه الإضرار بكيان الدولة و إضعافه و في أحسن الأحوال التقليل من هيبتها, حيث أن تلك الإحتجاجات و الإعتصامات العفوية تتم خارج إطار مؤسسات أو تعاليم منهجية, أيضا إرباكها لعمل و أداء مؤسسات الدولة وأحيانا ضعف كفاءة هذه المؤسسات في التعاطي و التعامل مع المطالب الفئوية و معالجتها, أضف إلى ذلك عدم قدرة السياسيين على تفسير الظواهر السياسية في المجتمع على أسس منطقية سليمة حيث أن همهم الوحيد و الأوحد يكمن في إستخدام هذه الظواهر كأدوات و أسلحة سياسية للفتك بالخصم ليس إلا, وأخيرا و ليس آخرا إنعكاساتها السلبية على العامل الأامني.
لك الله ياوطني فكل أبنائك يعرفون أوضاعك و يدركونها و يعيشونها باللحظة لكن القلة منهم هم من يحسونها و يتفاعلون معها و تلك مصيبتك, فليحفظك الله منا نحن أبنائك قبل المتربصين بك و ليحنن قلوبنا عليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق